بلا عنوان حتى الآن






وحيدة في مكتبها المتواضع جدا ، منهمكة في العمل الذي لا ينتهي ، فمجرد أن تنتهي من عمل ما ، يأتيها غيره ، و أحيانا كانت تعمل في عملين في ذات الوقت .

كانت تجهد نفسها في عملها حتى لا تتيح لعقلها التفكير في ما مضى .

قطع تفكيرها رنين هاتفها النقال ، و المتصلة كانت صديقتها .

أجابت بعد تردد ، فصديقتها لا بد أن تسألها عن ما جرى .

- السلام عليكم
- و عليك السلام

- صباح الخير
- صباح النور

- كيف حالك يا عروس ؟
- الحمد لله .

أجابت بإختصار شديد.

- و كيف حال خطيبك ؟
- الحمد لله .

- أخبريني ، ما آخر تجهيزات العرس ، الفرحة بعد شهر ، أليس كذلك ؟

سكتت و لم تعرف ماذا تجيب .

- لما صمتك ؟، ماذا جرى؟؟
- العرس ليس بعد شهر .

- ماذا ؟، ماذا تقولين ؟؟
- تم تأجيل العرس .

- لكن إلى متى تم تأجيله ؟ و ما سبب التأجيل ؟
- تأجل إلى أجل غير مسمى .

- لم أفهم؟
- فسخت خطبتي بالأمس.

بصوت عالي

- كيف ؟، لماذا ؟ ماذا جرى لك ؟ و أهلك ماذا فعلوا ، ما ردة فعلهم عندما علموا بالأمر ؟
- هذا ماجرى الآن ، كل منا ذهب في حال سبيله ، وأهلي تركوا لي حرية إتخاذ القرار ، فهذه حياتي وحدي ، و وحدي من يقرر كيف سأعيشها .

- و خطيبك ، عفوا خطيبك السابق كيف تقبل الأمر ، ماذا فعل ؟
- لا أعلم ، و لا أحب أن أعلم ، فما كان بيننا قد إنتهى ، و لم يبقى لي إلا أن أدعوا له الله أن يرزقه بزوجة أفضل مني .

- هل أساء إليك ؟، هل رأيت منه ما يسوء ؟، هل به خطب ما ؟، لماذا رفضته الآن ؟.

لم يرغب الخوض في التفاصيل ، فما كان بينهما كان لهما وحدهما ، و لم ترغب أن يعلم به أحد .

- لا ، أبدا ، لم يسئ إلي بكلمة ، على العكس تماماً .

- يا مجنونة ، ألم تصبري شهر ، بعد شهر واحد فقط كان عرسك ، ألم تستطيعي معه صبرا ؟.
- أصبر شهرا واحدا الآن ، و غدا كم سأصبر؟

- كنت قريبة جدا من تحقيق هدفك ، لكنك ضيعته من بين يديك.
- هدفي ليس أن أتزوج فقط ، ليس أن أرتدي ثوبا أبيض ، و لا ينتهي مشواري بليلة زفاف ، لم أكن أرى معه إلا هذه النهاية لمشوارنا معاَ ، أعتبر الزفاف البداية فقط لمشوار طويل تكون نهايته نهاية لم أجدها معه .

- قولي لي ماذا ستفعلين الآن ؟
- لا شيء ، فقط سأعود لحياتي ، و أدعوا الله أن يرزقني من أصل معه إلى النهاية التي أحب .

- و ما هي النهاية التي ترغبين بها ؟ .

تسمع صوت قرقعة ، تتجه بنظرها نحو الباب ، فترى سيارة قديمة قد إتخدت موقفا لها قرب مدخل المكتب .

- عفوا ، أستأذن الآن ، عندي زبائن ، في أمان الله .

أنهت الإتصال ، و أعطت إنتباها لمن كان في السيارة .

شيخ كبير كان يقودها ( يبدوا أنه إعتاد قيادتها لهذا لم يشتري غيرها ) ، و بجواره عجوزه الحبيبة ، ترجّل من السيارة ، و إتجه إلي عجوزه فاتحا بابها الذي لم تكن تستطيع فتحه ، مد لها يده و ساعدها في الخروج من السيارة ، ضل ممسكا يدها و ضلت مستندة عليه حتى دخلا إلى المكتب ، كانت تنظر إليهما و هي مبتسمة ، بشوشة الوجه سعيدة بما ترى ، رحبت بهما .

- يا إبنتي نرغب في سحب بعض المال من المصرف ، لكننا لا نعرف القراءة و الكتابة ، و قد طلب منا موظف المصرف تقديم طلب بالمبلغ الذي نرغب في سحبه .

هذا ما قاله الشيخ ، و أتمت العجوز كلماته .

- أرغب في السحب هذه المرة من حسابي ، مبلغاَ حتى نجهز به إبنتنا الصغيرة ، هي ليست صغيرة ، هي في مثل عمرك ، عرسها الشهر القادم إن شاء الله .

- حسنا ، أحتاج معرفة رقم الحساب ، الأسماء ، و المبلغ المطلوب ، و المصرف الذي ستسحبون منه .


حصلت على المعلومات المطلوبة ، و أتمت عملها بسرعة و هي تراقب الزبونين بين الحين و الآخر ، كانا في نهاية العمر ، وجوههما علتها تجاعيد الزمن رغم هذا كان وجههما أبيضا ناصعا ، فقدا بعض أسنانهما ، لكن إبتسامتهما كانت جميلة ، و يبدوا عليهما الراحة و السرور ، كأنهما مشيا طريقهما معا يدا بيد حتى وصلا لنهايتها ، لا بد أنهما جدّان الآن ، يملكان بعض الأحفاد، و بعد شهر فقط سيتم الله فرحتهما بتزويج آخر أبنائهما .

- تفضلا ، هذا هو الطلب .

- كم يلزم مقابل هذا العمل يا إبنتي ؟

- فقط دعواتكما لي .

ردت عليهما إبتسامة تعلوا وجهها البشوش .

- ( الله يرحم والديك ، و يرزقك ولد الحلال إلي يخاف الله )

غادرا المكان ، تاركين لها دعواتهما الصالحة الصادقة ، مع أمل أنها ستجد يوماَ ما من تعيش معه كل حياتها لترى نفسها معه يوماَ ما مثلهما
( عجوز و عجوزة في نهاية العمر تلفهما السعادة و الرضى ) .








هناك 8 تعليقات:

  1. السلام ليكم

    وصال ^_^

    فكرتيني بدراما قصة حنان مع إني إلتمست في القصة هدي إن جزء منها نابع من تجربة شخصية و الله أعلم

    و إقتراحي كعنوان للقصة :

    منعرفش الحق :)

    لكن حطيت روحي في مكانك و لو كانت القصة بجد نابعة من تجربة شخصية لكان العنوان

    ( حالي و حال العجوزين )

    بالتوفيق فراشة ^_^

    C16 ED_40

    سلام

    ردحذف
  2. ـالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    هكذا الحياة ,
    نسقط ونقف
    ولكن يقيني بان الحياة مستمرة يجعلني انسى الماضي , وكاني لم اعشه حتى لحظة
    أُفكر في الغد ولا يُهني مابداخل ذلك الغد
    سيحدث ما كتبه الله اكان شرا ام خيرا

    هكذا اواجه خلجات نفسي من حُزن

    .,×سلامي.,×

    ردحذف
  3. السلام عليكم
    أهلا أخي أحمد
    فعلا القصة نابعة من تجربة شخصية
    مع بعض الإضافات
    ذات يوم زارني العجوزان و أعجبني حالهم، لكن وقتها لم أكن مرتبطة بأحد،
    دمجت القصة ماض أعجبني مع واقع أعيشه الآن لأنتجها
    فقط كانت بعجالة حتى أعرض فكرتي الخاصة.

    أما بخصوص قصة حنان
    سأحاول إدراجها هنا بطريقة ما لا تضيع بها مواضيع المدونه.

    شكرا لردك
    أعجبني العنوان
    لكني سأنتظر إقتراحات البقية
    سلامي

    ردحذف
  4. السلام عليكم
    أهلا بك أخي عبد الرؤوف

    عفوا لكني أخالفك الرأي
    من ليس له ماضي ليس له مستقبل

    ومن ماضينا نتعلم أن لا نعيد أخطائنا مرة أخرى

    شكرا لك
    وأهلا بك مرة أخرى

    سلامي

    ردحذف
  5. لنستفد من التجارب ونواصل المشوار ...

    ربي يوفق الجميع ...

    عسي أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم

    تحياتي ~ ~ ~ ~

    ردحذف
  6. السلام عليكم ...

    هناك امور في حياتنا نختارها اما مباشرة او بطريق غير مباشر كنتائج لما نقوم به ...

    وهناك امور تختارنا ... دون تدخل منا ...


    اشتراك في الهدف ... و توافق في الوسيلة ..

    شاب ... يبدأ عجوز .. يكون .. كهل ينتهي ...
    وان فرقت الحياة بينهما ...

    فلن يكون ذلك الترابط الا بوجود امرين ضروريين في علاقتهما ممعا ...

    ان تملاء عقله و قلبه معا ...
    فمن ملاءت القلب دون العقل .. او العقل دون القلب ... لن يكون لها المكان الذي سيكون لمن تملاء الاثنين معا ...

    كما فعلت السيدة خديجة مع النبي عليه الصلاة و السلام .. فقد ملاءت عقله وقلبه ...
    ... و لم ينسى يوما خديجة رضي الله عنها وان فرقهما الموت ...


    اتبحثون عن عنوان للموضوع؟
    اقتراحات ؟

    الرفيق ...



    خالص تحياتي

    ردحذف
  7. السلام عليكم

    ألم تجدي العنوان المناسب ؟؟

    نبي نشبح شن تختاري عنوان للقصة هدي ^_^

    C16 ED_40
    سلامي

    ردحذف
  8. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :

    غاليتي وصال ..

    عندما قرأك قصتك الصغيرة ...رجعت بي الذاكرة ..لقصة عشتها سابقا ..

    وكأنها الأحداث نفسها ..

    عزيزتي ..

    لا أحد يستطيع وضع عنوان لقصتك إلا أنت ..

    أنت وحدك من ستجد العنوان الأنسب والأصلح لها ..

    ودعواتي لك بأن يرزقك الرحمن

    الخير والسعادة في الدنيا والآخرة ..

    ردحذف

السلام عليكم

كم يسرني أن تكتب تعليقا هنا

و شكرا مقدما

سلامي

رفرفة قلم © 2008 | تصميم حسن تطوير و تعديل فراشة