العدو لن يكون يوما أباً لأولادي




السلام عليكم



( السلام عليكم ، القصة كتبتها بعجالة ، و أحب أن أعرضها عليكم لأعرف رأيكم فيها كقصة ، و رأيكم في محتواها ، فلا تبخلوا علينا به )



لا أحد يفهمه ، فقد كل شيء ، كل مرة يرغب في الخروج و الهجرة من هذه البلد يستحدث شيئا حتى يحيد عن رغبته ، لكن كل ما استحدثه ضاع الآن ، خطيبة رمت خاتم الخطوبة بعيدا أن أصابعها ليعود إلي جيبه ، و عمل ليس بعمل ، و دراسة أقل مما يطمح له ، ليس له أخ أو أخت ، له فقط صديقة هي بجواره الآن .

كان يتكلم بلغة أجنبية ، لكنها كانت تفهم ما يقول ، تعلم أنه في لحظات غضبه و يأسه يتكلم بتلك اللغة التي تربى عليها ، رغم أنه عربي و ابن هذه البلد ، لكنه ولد هناك ، و عاش هناك كل عمره حتى وصل للمرحلة الجامعية .

ليبي أمريكي ، هذا ما كتب في جواز سفره ، مزدوج الجنسية ، فرح أهله يوم ولادته ، ابنهما فتحت له أبواب الفرص الكثيرة ، و ضحكت له الدنيا ، لأنه ولد أمريكي و بكي أول بكاء له في أمريكا ، تمرغ في ترابها ، و تبلل بمائها ، و لفحته شمسها و احتمى من صقيع شتائها .

لم تعلم ماذا تفعل له ، أتتركه ينعي حظه و يتخبط في أمره ، أم تبقى معه تواسيه ، لأنها صديقته الوحيدة ، لكن كيف ستواسيه و هي تعلم أنه عازم على الهجرة و الرحيل ، و ينتظر الفرصة حتى يعود إلى ذاك الوطن الذي تربى فيه ، ذاك المكان الذي تعلم في مدارسه ، ذاك البلد الذي يتكلم لغته .

و قبل أن تأتي بكلمة ، باغتها هو بكلمات من عنده بلغتها التي تتكلمها ، كان يتكلم العربية بصعوبة ، لكنه أخرج من فمه بعض الكلمات .

ما رأيك في الذي أمامك ؟.
لم أفهم رأي في ماذا .
رأيك في هذا الرجل المحطم الذي أمامك ، أيمكن أن تقبلي به زوجا .

لم تعرف ما به و لم تفهم لما سؤاله ، أيمكن أن يكون هذا تناج يأسه ، أم أنه يريد أن يملأ الفراغ الذي سببه ترك خطيبته له ، تمهلت قبل أن تجيبه ، بائس و كل كلمة ستقولها له ستؤثر في نفسيته ، فإما أن ترفعها إلى السعادة ، و إما أن تنزل بها للبؤس .

فكرت بسرعة في كلماته التي قالها ، في نفسها و مستقبلها ، تخيلت أنها معه زوجة ، أم لأطفاله ، تخيلته يلاعب أطفاله و يحتضنهم بحب ، تخيلت ، تخيلت ، تخيلت .

واثقة أنه سيكون أبا رائعا لأولادها ، و تعلم أنها ستكون سعيدة معه ، فهو حلم كل فتاة ، لكن يجب أن تتمهل في قرارها ، يجب أن تفكر و تطلب منه مهلة للتفكير .

قبل أن تنطق بكلمة تراجعت عن طلب المهلة ، لأنها رأت في عينيه بريقا المصرّ الذي يريد إجابة لسؤاله الآن ، تلك الصديقة التي لم تفكر في هكذا أمر قط ، تتحول بكلمة إلى زوجة و أم ، و هو يريد الإجابة الآن .


سألته سؤالا قبل أن تجيب على سؤاله .

( ماذا إن حدث و نشبت الحرب بين ليبيا و أمريكا مرة أخرى ، في أي الصفوف ستقف حينها ؟)

تردد في الجواب و استغرب سؤالها ، رسم على وجهه لمحة سخرية و قال لها ( أتعلمين عندما كانت طائراتنا تضربكم ، كنت أشاهدكم على التلفاز ، و آكل المكسرات ).

ابتسمت لأنها عرفت أن قرارها سيكون نهائي ولا تردد فيه ، لم تقل أي شيء ، انسحبت من المكان و تركته يضحك بسخرية من سؤالها .

هي ليبية المنشأ و المولد و الجنسية ، تريد لأبنائها أن يعيشوا كما عاشت ، لكنه رغم توفر كل مقومات الرجل الناجح فيه، نسي أمرا مهما ، انتمائه و إخلاصه لوطنه ، قالها بكلمة واحدة ، طائراتنا ، لم يقل طائرات أمريكا ، لم يقل طائرات العدو ، قالها طائراتنا و نسبها لنفسه .

بينما كان هو يأكل المكسرات ، كانت هي تحتمي في حضن أمها و تغلق آذانها خوفا من ذوى الغارة .

بينما كان هو مرتاحا آمن ، كانت هي مرعوبة مذعورة .

اعتبرته العدو حينها ، و قالت بصوت هامس لنفسها ( العدو لن يكون أبا لأولادي ) .













( بقلم فراشة - كل الدكاترة )


سلامي


هناك تعليق واحد:

  1. ربما كان ذلك الرجل قد أنقذ الفتاة بأجابته على سؤالها بتلك الطريقة .

    تحياتي~ ~ ~ ~

    ردحذف

السلام عليكم

كم يسرني أن تكتب تعليقا هنا

و شكرا مقدما

سلامي

رفرفة قلم © 2008 | تصميم حسن تطوير و تعديل فراشة