في بستان الورد












مكتبه فارغ ، و مغلق ، وهو غائب عن عمله.



هي ، مشتاقة إليه ، تفكر في سبب غيابه هذه الأيام ،أرادت أن تتصل به ، لكنها جدا مترددة ، لم تتصل به سابقا ، و لم تجرب استخدام رقمه رغم أنه قد أعطاها إياه منذ فترة ، رغم ترددها كان شوقها إليه دافعها للاتصال و في النهاية إتصلت ، لم تستعمل هاتفها الخاص بل اتصلت من هاتف العمل .



هي :- صباح الخير .

هو :- صباح النور يا فلة .

هي :- صوتك متغير ، ما الأمر ؟

هو :- لا شيء ، فقط أستيقظ توا من النوم .

هي :- لماذا تأخرت في نومك ؟.

هو :- مريض قليلا ، العمل المسائي أرهقني جدا ، و عدت قبيل صلاة الفجر ، صليت الفجر و نمت ، لكني لم أستطع الاستيقاظ باكرا .

هي :- إذن لن أراك اليوم ؟.

هو :- ترغبين في رؤيتي ؟.

هي :- لا لا لا ، ليس هذا ما أريد ، فقط كنت أبحث عن ملف ، و كنت قد اتصلت بك لأعرف مكانه .

هو :- أي ملف ؟.

هي :- ليس مهما جدا الآن ، سأنتظر أن تأتي .

هو :- وهو كذلك .



يغلق هاتفه مبتسما ، ، ابتسامة المنتصر في المعركة ، ها قد أصبحت تسأل عنه ، و تتصل به ، و تتحجج بحجج واهية حتى تسمع صوته ، إن لم تستطع وصاله .



بينما يكمل احتساء كوب القهوة المرة ، يسعل سعلة تعيد لصوته نبرته الرجولية القوية ، فلم يكن نائما أبدا حينما اتصلت .




يخرج من شقته ، و ينزل مسرعا عن درجات السلم ، و يوقف نزوله رنين هاتفه .



هو :- صباح الورد لأحلى وردة.

هي :- صباحك أحلى صباح .

هو :- أين أنت ؟

هي :- أنتظرك ، في مكاننا المعتاد .

هو :- قادم إليك و الشوق يسبقني .



يخرج أحد من أحد الشقق المجاورة .

إنه جارهم مع أخته ، فيغير نبرة صوته المعسول.



هو :- حاضر حاضر ، فقط مسافة الطريق و أكون عندك ، إنتظرني .



و يغلق هاتفه بسرعة .



يبتسم ، و يلقي السلام على من جيرانه .



هو :- السلام عليكم .

جاره :- و عليكم السلام ، صباح الخير .

هو :- صباح النور .



ينزل مسرعا بضع درجات ، لكن جاره يوقفه .



جاره ، لماذا تجري ؟.

هو :- تأخرت عن موعد عمل مهم ، سأستعمل المواصلات العامة حتى أصل ، يجب أن أستعجل حتى لا أتأخر .

جاره :- لا تجري ، سأوصلك إلى المكان الذي تريده بسيارتي .

هو :- شكرا لك ، و بارك الله فيك .



في السيارة ، كان الجار يقودها و قد جلس بجواره ، بينما جارتهم جلست في أحد المقاعد الخلفية .



رن هاتفه النقال معلنا عن وصول رسالة .

( صباحي جميل جدا اليوم ، رأيتك ، سمعت صوتك ، و ها أنت بجواري و قريب جدا مني ، تجلس في الكرسي الأمامي ، صباح الخير )



ابتسم و ضغط بعض الأزرار و أرسل النص الذي كتبه .

اهتز هاتف في السيارة ، و لم يشعر باهتزازه إلا صاحبته .



لقد وصلت رسالة

( صباحي ليس جميلا فقط ، بل أجمل من ذلك ، صباحي بلون البنفسج يا بنفسجتي الغالية ، أنت جميلة جدا اليوم )



ابتسمت و احمر وجهها ، لكن هذا لم يمنعها من أن تطبع بضع حروف و ترسلها مرة أخرى .



رن هاتفه من جديد

( جميلة اليوم فقط ؟)



يبتسم و يضغط بضع حروف في هاتفه ليرسل رسالة جديدة ، لكن رنين هاتفه أوقفه و منعه ، الاتصال كان باسم ياسين .



هو :- السلام عليكم و رحمة الله .

المتصل :- و عليكم السلام .

هو :- كيف الحال يا ياسين ؟.

المتصل :- ياسين ؟ من ياسين ؟ معك ياسمين .

هو :- أعرف أعرف ، لكن سأقول لك فيما بعد .

المتصل :- بجوارك أحد ؟.

هو :- نعم جارنا .

المتصل :- اشتقت إلي صوتك ، أنتظر اتصالك فيما بعد بفارغ الصبر ، لا تطل انتظاري .

هو :- إن شاء الله ، و بعون الله سأكون عند حسن الظن .



أشار إلى جارهم ليوقف السيارة ، و ترجل منها بعد أن شكره على إيصاله لموعده .



سار بضع خطوات ، فتوقفت بجواره سيارة ، صدر منها صوت منبه نبهه أن السيارة توقفت من أجله .



السائقة :- صباح الخير .

هو :- صباح النور لأحلى الرياحين .

السائقة :- كيف حالك اليوم ، و ماذا تفعل هنا ؟.

هو :- الحمد لله ، فقط أتمشى قليلا .

السائقة :- ما رأيك في السيارة الجديدة ؟.

هو :- لا أعرف ماذا أقول ، هل أبارك لك السيارة ، أم أبارك للسيارة أنها أصبحت لك .

السائقة :- ماذا تحب؟.

هو :- تسألينني ماذا أحب ؟؟ أكيد أحب أجمل ريحانة الرياحين .

السائقة :- الكلام سيطول ، اركب معي و لنذهب لشرب كوب قهوة و نتحدث في أمر ما تحب .



صعد معها و ذهبا معا لذاك المقهى ، مقهى لكل العشاق ، طلب فنجانا من القهوة المرة ، فكلامه المعسول سيجعل من المرارة حلاوة .



قطع جلست الحب المر اتصال ، و المتصل وردة .



هو :- السلام عليكم ، أعتذر جدا على التأخير ، مازلت في الحافلة ، تسمع في صوت المسجل العالي؟ ، دقائق و أصل إليك .



أنهى المكالمة بسرعة ، و أنهى بقايا فنجان القهوة بسرعة ، و أيضا بسرعة خاطفة سرق من الريحانة قبلة سريعة من على خدها ، و أعتذر لأن هناك عملا مهما ينتظره .



يسرع الخطى إلي حديقة مجاورة ، و بقرب شجرة الورد، يجد وردة تلك الفتاة ذات الشعر الأحمر الناري المميز الذي لا مثيل له ، تقف تنتظره و نظر إلى الممر الذي اعتاد أن يأتي سائرا بخطى سريعة منه .



لكنه غير طريقه هذه المرة ، أتاها من خلفها ، و دون أن تشعر ، تقدم بخطوات هادئة ، حتى وصل إليها ، و أغمض عينيها بيديه ، و همس في أذنها .



هو :- من أكون ؟.

هي :- أنت كل دنيتي ، كل فرحتي ، حبيبي ، و زوج المستقبل ، معك فقط أصبح للدنيا طعم آخر .

هو :- فقط؟

هي :- ليس هذا فقط ، بل أكثر من ذلك بكثير .



بقيا معا في تلك الحديقة ، ساعات تمر و كل منهما يغازل الآخر .

حتى سألت سؤالها :- حبيبي ، متى ستخطبني من أبي؟.



بانت على وجهه علامات الضيق ، و قام من جوارها بسرعة ، و بدأ يتكلم في صوت عالي جدا ، محرك يديه في كل الاتجاهات .



هو :- عدنا من جديد لنفس الموضوع ، ألم أقل لك لا تسألي عن هذا الأمر ، وعدتك بالزواج و سأفعل ، لكن في الوقت المناسب ، لا أملك شيء ، لا سيارة و لا شقة و لا أي شيء ، كيف سأخطبك من والدك؟ ، أتريدينه أن يرفض ؟، إن رفض لن أقوى على أن أطلبك منه مرة أخرى ، أصبري ، فالصبر مفتاح الفرج .

هي :- لكن نحن على هذا الحال عامان ، و كلما سألتك تجيبني نفس السؤال .

هو :- و ما الداعي من السؤال إن كنت تعرفين الإجابة ؟.

هي :- هناك من تقدم لخطبتي ، و أهلي سيوافقون ، و قد يجبرونني على الزواج منه .

هو :- إذن تزوجي منه .

هي :- كيف أتزوج منه و أنا أحبك ؟.

هو :- ضايقتني ، يجب أن أذهب قبل أن آتي بتصرف لا تحمد عقباه .



غادر المكان مسرعا ، ليتركها تتخبط في حيرتها ، تركها في مفترق طرق لا تعرف ايها تختار .



جاء المساء ، و هو جالس مع رفيقه في المقهى و يدخن الأرجيلة بتلذذ .

كان يدور بينهما ذاك الحوار العادي الذي يدور بين بعض الأصدقاء .



رفيقه :- ما آخر أخبارك ؟.

هو :- آخر الأخبار ، فتاة أجنبية تعرفت عليها منذ فترة ، كانت حجتي أن تعلمني اللغة الإنجليزية ، لكني طورت الأمر ، فقد مللت من رحيق الأزهار المحلية ، أحببت تجربة الأجنبية ، أوهمتها بالحب ، و علمتني بعض الدروس ، و باسم الحب الذي بيننا صارت هذه الدروس مجانية .

رفيقه :- أجنبية ؟ ، لم تخبرني أنك تذهب لمدرسة لتعلم اللغة الإنجليزية.

هو :- نعم أجنبية ، و اسمها روز ، و من قال إني أحتاج لمدرسة ، تعلمني في بيتها ، أزورها كل يوم ، تسكن وحدها ، نكون فقط أنا و هي في المنزل ، كل مساء ، حتى ساعات الليل المتأخرة .

رفيقه :- حتى ساعات الليل المتأخرة !!!!! ، ماذا تعلمك ؟.

هو :- علمتني كل شيء ، كل شيء بطريقتها تعلمت كل شيء و أكثر ، لا أحد يقطع عملنا ، و لا خوف من أهل و لا أب و لا أخ ، و لم تخف من خسارة أعز ما تملك ، لأنها خسرته منذ زمن ، كنت مرتاحا جدا معها ، و حرا جدا معها ، أخدني وصلها إلى حدود ........



قطع حديثهم رنين هاتفه ، نظر إلى رقم المتصل ، و لم يجب ، استمر المتصل في الاتصال مرارا و تكرارا ، لكنه لم يجب ، أغلق هاتفه تماما حتى يتوقف رنين الهاتف الذي أزعجه، صار هاتف رفيقه يرن ، نفس الرقم ، فقام رفيقه بالإجابة عليه .



رفيقه :- السلام عليكم .

المتصلة :- و عليكم السلام .

رفيقه :- من معي ؟.

المتصلة :- معك زنبقة ، زنبقة رفيقة صديقك ، أتصل أسأل عن حاله ، هل رأيته هذه الأيام ؟.

رفيقه :- آخر مرة رأيته فيها كان حاله جيدا .

المتصلة :- أتصل به و لا يجيبني ، هل من الممكن أن تطلب منه الاتصال بي ؟ .

رفيقه :- ما المشكلة يا أختي ، أخبريني ربما ساعدتك .

المتصلة :- شكرا لك ، لكن الأمر شخصي جدا ، فقط أطلب منه أن يتصل بي .

رفيقه :- أعدك بأن أعلمه بالأمر .



انتهى الاتصال .



رفيقه :- هذه زنبقة ، تطلب منك أن تتصل بها .

هو :- و ما الجديد في الأمر ؟.

رفيقه :- اتصل بها و أنظر في أمرها ، يبدو من صوتها إنها يائسة و حزينة جدا .

هو :- لن أتصل ، أعرف ماذا تريد .

رفيقه :- و ماذا تريد ؟.

هو :- تريد أن أعود إليها ، أن أتزوجها ، أن أستر على فعلتنا معا .

رفيقه :- تمكنت منها بسهولة ؟

هو :- ليس بسهولة ، فقط طلبت دليل حب صغير حتى أتشجع و أتقدم لخطبتها ، و أعطتني ما أريد بكل سذاجة و بلا تفكير ، هي من قامت بأفعالها ، فلتتحمل العواقب وحدها .

رفيقه :- كل يوم أراك فيه أرى شرا داخلك لا يمكن أن أتحمله في رفيق ، اعذرني ، لكن ما فعلته لا يفعله عاقل ، إثقي الله في زهور الحقل ، هل نسيت أن في بيتك زهرات ؟؟؟.

هو :- أخواتي متربيات في بيتنا أحسن تربية ، و لن يضرهم شيء .

رفيقه :- قد يتحملن نتيجة سهواتك و نزواتك و أخطائك يوما ما .

هو :- سأقتل من ينظر إليهن نظرة سوء .

رفيقه :- لا ترضى لأخواتك أن ينظر لهن أحد نظرة شهوة ، بينما تستبيح أعراض الناس ؟؟

هو :- و من المخطئ في الأمر ؟، زهرات البستان هن من يتمايلن أمامي ، و يتزين بأزهى الألوان و يسمحن أن ينتشر عبيرهن للحقول المجاورة ، ماذا أفعل في هذا ؟؟ ، أنتهز فرصتي كما يفعل الآخرون .

رفيقه :- لا تنسى أنه كما تدين تدان .



يرن هاتف رفيقه ، و المتصلة كانت والدته .



هو :- السلام عليكم .

أمه :- لماذا هاتفك مغلق ؟ .

هو :- أمي لا تقلقي أغلقته سهوا .

أمه :- حنظل ، أختك ، لم تعد حتى الآن من بيت رفيقتها ، اتصلت برفيقتها و قال أهلها أن أختك لم تذهب إليهم .

هو :- كيف هذا ؟، و متى خرجت ؟، و من سمح لها بالخروج ؟، كيف تخرج من المنزل و من أوصلها ؟ .

أمه :- خرجت منذ الصباح ، ذهبت لبيت رفيقتها لتدرس معها ، و أوصلتها رفيقة لها كان شقيقها يقود السيارة .

هو :- ما اسم رفيقتها ؟.

أمه :- قالت إن اسمها الوردة الجورية .



يسرع و يفتح هاتفه حتى يتصل بأخته ، يعرف وردة جورية واحدة في حياته ، و يعرف أنها إن وصلت لأخته لن ترحمها ، يفتح هاتفه النقال فتصله رسالتان .

الأولى كانت من الوردة الجورية

لا تنسى أن للورد الجوري أشواك ، و ها قد بدأت في وخز أقرب الناس إليك ، ذق من نفس الكأس الذي أذقتني منها و أخبرني عن الطعم ، البداية بأختك الصغرى ، و البقية تأتي .



الثانية كانت باللغة الإنجليزية ، من المعلمة روز

Welcome to –HIV- world








رفرفة قلم © 2008 | تصميم حسن تطوير و تعديل فراشة